قراءة المعيار من الجانب المالي

“راعت الشريعة التوازن بين الثلاثة قطاعات لتتناغم مع بعض ويحمل بعضها الآخر في حال الاضطرابات والتغيرات. وايضاً يجب أن نفهم ان الوقف هو تراكم رأسمالي للمجتمع بمعنى: لم يفقد ولم يضع ولم يصرف ولم يستهلك، وهذا التراكم جعله رافداً حقيقياً للاقتصاد، فإذا نظرت اليه هذه النظرة تبين لك أهميته فيجب الا ننظر اليه على أساس أنه مبحث فقهي انما هو سبيل عيش مجموعة من الناس على مستوى التاريخ”

الأوقاف رافداً حقيقيا للاقتصاد

قبل أن ندخل في المعيار لابد من توطئة ت مهمة في معرفة القطاعات الثلاث وأدوارها، في كل بلد هناك قطاع عام “الحكومة” وقطاع خاص “التجار”، وهناك القطاع الثالث وهو مهم جداً، وتاريخياً هو أهم من كل القطاعات ثم يليه الخاص ثم يليه العام.

راعت الشريعة التوازن بين الثلاث قطاعات لتتناغم مع بعض ويحمل بعضها الآخر في حال الاضطرابات والتغيرات. وايضاً يجب أن نفهم ان الوقف هو تراكم رأسمالي للمجتمع بمعنى: لم يفقد ولم يضع ولم يصرف ولم يستهلك، وهذا التراكم جعله رافداً حقيقياً للاقتصاد، فإذا نظرت اليه هذه النظرة تبين لك أهميته فيجب الا ننظر اليه على أساس أنه مبحث فقهي انما هو سبيل عيش مجموعة من الناس على مستوى التاريخ، ويكفينا ما فعله عمر رضي الله عنه حينما أوقف السواد بعد نقاش فقهي عميق وتأمل ثلاثة سنوات وخصومة مع بعض الصحابة لكن ذلك الوقف مد الأمة ممكن 500 الى 700 سنة.

ووجود هيئة للأوقاف وتنطلق لهذا الموضوع يجب ان نكون عوناً ورافداً لها لوضع الإطار المناسب لضبط الأداء ولا يجب ان يكون لدينا التخوف الزائد.

من الأشياء التي تبينت لي حديثاً انه الاحكام الشرعية تزداد ليونةً من الجانب الأيمن إذا كان القطاع العام، ثم تأتي للأوقاف والتي بعدها وآخر شيء القطاع الخاص تجد فيه كل الضوابط الموجودة في الفقه، فالوقف ليس بعيداً عن القطاع العام ولذلك يجب التنبه أن الأصل في الأوقاف التوسعة.

أهمية وجود متخصصين ماليين في النظارة

الزكاة والاوقاف والوصايا واموال القاصرين، قطاع مالي وليس قطاع شرعي، تولاها بعض الشرعيين كالقضاة في أزمان لأجل انهم كانوا أقرب في الوظائف لإدارة مثل هذه الاعمال، الآن اختلف الوضع جداً الماليون الآن ممكن أربعين او خمسين صنف، وإذا ادرناها بالعقلية الغير احترافية تفشل مباشرة حتى الزكاة، فما بالك بالأوقاف التي هي تراكم أصل رأسمالي والوصايا وما الى ذلك. ومهم أن لا يكون كل النظار من تخصص بعيد عن أصل الموضوع وهو المال.


“حينما ندرس نظام الإرث والوقف والزكاة، نجد أن نظام الإرث نظام معياري، ونظام الزكاة يغطي ثمانية مصارف أساسية في المجتمع، ونظام الوقف يسد الخلل.”


تصحيح وتمهير ومعيره قطاع الأوقاف

نظام الشركات الجديد في السعودية مهم الانتباه له، فقد وضع الشركات الوقفية وغير الربحية والوصايا وغيرها في صلب النظام العام لكل الشركات فيجب أن نهتم به اهتماماً شديداً، بالنسبة لي وجود هذه الشركات في نظام الشركات اعتقد أن الاتجاه في نهاية المطاف سيكون انشاء بنوك للقطاع الثالث، إذا نشأت سيكون هذا المعيار أحد أهم لبنات معيره العمل.

فنصيحتي أن يسارع القائمون على هذا القطاع لتصحيح وتمهير أعمالهم والاستعداد لمثل هذا التغيير، والحكومة لم تترك القطاع العام فجعلت له تمهيراً وتمهيناً فما بالك بمثل قطاع الأوقاف، ولذلك أرى الا نأنف مطلقاً من حوكمة الأوقاف، فحياة الأوقاف في حوكمتها وليس العكس، والذي يظن أنه تدخل هذا لا يعرف ما معنى الحوكمة، فالحوكمة هي أكثر شيء يبرء الذمة.

الوقف تراكم رأس مالي

أن الوقف تراكم رأسمالي كبركة الماء في حين أن الزكاة تدفق عليه كالساقي، فهما شيئان مختلفان. يهمنا أن يكون التراكم ضخم وأن ينمى ويجاز ويحمى بأي طريقة والا يمس لأن المستفيدين منه كثر جداً خاصة مع رؤية 2030 التي نصت على أن 20% من موظفي الحكومة سيخرجون وغالبهم قد يتوجه للقطاع الثالث، فمن المناسب أن يكون الهم الاستراتيجي للقطاع كيف ممكن أن نحتوي هؤلاء الـ 20% من موظفي الحكومة في العشر سنوات القادمة.

“الضغط على ميزانيات الدول بعد كورونا سيجعل أهم القطاعات هو القطاع الثالث”

الاستدامة المالية هي فكرة الإسلام

الاستدامة المالية غير صحيح أنها معاصرة وحديث المعاصرين فهي بالأساس فكرة الإسلام في الوقف.  وقصة عمر رضي الله عنه مع وقف السواد مثال، وقصة الأوقاف الذرية أمثلة أخرى لتحقيق الاستدامة المالية لذريتك بعد وفاتك، بل إني أقول إن المنتجات المالية مثل التأمين على الحياة الآن لا تساوي نصف أو ربع منتجات الوقف الذري في مزاياها وصلاحيتها وقلة قيودها.

انتفاع الوظائف المهمة في المجتمع من الوقف

من ينظر الى وظائف الوقف أين تصرف أمواله يجد أنها تذهب للوظائف المهمة في المجتمع التي لو دفعت من غير الوقف لأصبح هناك تعارض مصالح، كالقضاة والمعلمون.

نظام الوقف يسد الخلل

حينما ندرس نظام الإرث والوقف والزكاة، نجد أن نظام الإرث نظام معياري، ونظام الزكاة يغطي ثمانية مصارف أساسية في المجتمع، ونظام الوقف يسد الخلل.

اليسر بدل التشدد في الأوقاف

الناظر في كتب الوقف يرى أن الوقف يقوم على أحاديث قليلة جداً، وكانت المحاذير كلها بسبب الاستيلاء على الأوقاف.  لكن حينما تأتي الآن على الضبط للهللة وربعها فلا يوجد داعي للتخوفات، فلذلك أفرح حينما أرى في المعيار التوسع والأخذ بالأقوال الأيسر بدل التشدد.

تعليقات على المعيار:

  1. المعيار نقلة لأنه لم يكن شيء اصلاً في معايير أي جهة مالية عن الوقف.
  2. المعيار نحى منحى فقهي فكأنك تقرأ متن فقهي ويحبذا لو كان بطريقة أكثر معاصرة.
  3. من الأشياء التي عجبتني وجود الوقف المؤقت فيكفي منه أن يتدرب الشخص على الوقف فيعرف ما فيه ويعرف كيف يوقف لو أراد ان يوقف وقفاً دائماً، فيتدرب على مجالاته ومصارفه وماله وما عليه
  4. مناقلة بنود الأوقاف في فقرة 2.2.4.3 ايضاً فيها مرونة جيدة.
  5. التفريق بين الوصية والوقف، الوصية أقصر خيراً من الوقف بكل اعتبار، الوقف أوسع وأفضل فكلما أمكن فقهاُ ان تجعل الوصية وقفاً فهو أفضل.
  6. أتمنى أن الصيغ المعاصرة للأوقاف في الغرب أن تدرس قبل أن يبدأ المشايخ وطلبة العلم في وضع مسودة المعيار الشرعية، هناك صور غير عادية للأوقاف التي تجاوزت عُقد الضرائب، وعُقد التعقيدات القانونية، وعُقد الاستقلالية والحوكمة وغيرها فكان الأولى أن تدرس قبل ذلك.
  7. شددت على قبول وقف غير المسلم لأن هذا المعيار عالمي فلو جاءك أحد المتعاطفين في بلد غير إسلامي وقال أريد ان أوقف عليكم أيها المسلمين نقول لا! كان الأولى في المعيار يضع إطار تنفيذي لها، مثل الوصايا الآن فيه وصية معيارية ايضاً الوقف يحتاج صيغ معيارية حتى يكون أكثر عملية.
  8. أعجبتني فقرات المال الموقوف 2.4.5 وأيضا وقف المال الحرام الذي يجب أن يقال بجوازه لأنك إذا لم تقم بجوازه ليس أمام الأشخاص حلول كثيرة، مَن الأشخاص الذي سيأخذ بالعزم والعزيمة ويترك المال الحرام كله إذا كانت هذه هي الفتوى الصحيحة، لكن إذا قلت اوقفه يجد شيء من الراحة في نفسه والمجتمع يستفيد منه ويستمر.
  9. باب وقف النقود لم يتعرض المعيار لأهميته مطلقاً، رغم أنه الأن أهم وأسهل وأفضل وسيلة وأيسر من وقف الأعيان وأكثر ربحاً وأكثر مرونة وفيه جميع المزايا، نحتاج نعطيه حقه بأن يبرز للناس ويوصى به، أوقف نقود وافعل بها ما شئت من شراء أسهم أو أعيان وغيرها.
  10. باب نظارة الوقف حقيقة فيها أكثر من تخصص الآن في الوقت المعاصر لأجل الحوكمة، وليس من الحكمة خلطها تحت تقسيمات شرعية، فلو وضعت على تقسيمات عملية ستكون أفضل.
  11. باب مخالفة شرط الواقف، فأنا لست ممن يحب جملة شرط الواقف مثل شرط الشارع، فاذا وضع الواقف شرط مخالف للشريعة أو للأنظمة أو للاقتصاد أو للمحاسبة فلا يطاع.
  12. باب أجرة الناظر، هذه مسألة محاسبية تعطى محاسب قانوني، وأكثر إشكالات الأوقاف الكبيرة إذا كان الموقف متوفاً أنه بما نفسر كلمة اجمالي الربح أو صافي الربح، هذه مصطلحات محاسبية وليست مصطلحات شرعية.
  13. باب الاستدانة والرهن هذه حاجات ملحة جداً لأي قطاع مالي، فإذا منعت الوقف من الرهن فقد قتلته، ولا أظن أن أوقافنا في السعودية تضررت بشيء أكثر من قول العلماء والقضاة أن الوقف لايرهن، فالبنك حينما يأخذ منك الأصل ليرهنه هو لا يريد بيعه بالضرورة وإنما يريد ضمانة للمبلغ، فإذا أنت أعنت البنك على أن لا يقرضك ولا يمولك سيتركك. طبعاً إذا كانت هذه الفقرة صحيحة شرعاً أن لا يجوز بيع الرهن نسلم، لكن ما أذكره وأقوله هنا هي حلول، احدى هذه الحلول أن أطالب بإنشاء بنك اوقاف بحيث أنه حين ترهن له الأوقاف ويستولي عليها فهو من وقف الى وقف، لكن الأصول التي ترهن مقابل تمويلات البنوك لا يباع منها الا اليسير ‘فلا يجب أن نمنع الخير العميل لأجل النز اليسير. كما أن المنتجات المبنية على الرهن في عمليات البنوك التجارية كالاستصناع والمشاركة، إذا كنت تقول لا يرهن فلن تقوم هذه المنتجات ولن يعطيك إياها أي بنك.
  14. فقرة خلط ايرادات الأوقاف، يقول المعيار “يجوز” والمفترض يقول الواجب والمتعين او الأفضل، لأنه لما تجمع أوقاف وتخلط بعض أصولها مع ببعض إيراداتها وبعض مصارفها فأنت تفعل ما نسميه بالاقتصاد “اقتصاديات الحجم” تخفف الفاقد ويكون فيه كفاءة أكثر، فالمفروض نسعى لها ولا يكون عندنا الأوقاف المبعثرة الصغيرة، كل وقف له نظار وعاملين وما الى ذلك ويأكلون تقريباً ثلث او ربع الايراد!

         كما ذكر في آخر الفقرة “ويبقى كل وقف مستقلاً عن الآخر في ذمته المالية”، كأنه يشير الى أن الوقف لا يجوز بيعه وشراءه وهذا صحيح، لكن ماذا لو اشتريت شركة قابضة  واحتويت هذه الأوقاف الصغيرة فما الاشكال في ذلك؟

  1. لم يتطرق المعيار للوقف الغير معلن، فيه كثير من الناس يوقف لكن لا يشهره، ما أحكامه؟
  2. لم يتطرق المعيار للوقف على الشيوع.
  3. لم يتطرق المعيار لتطهير أموال الوقف.

اقتراحات:

  1. تفتيت مخاطر الأوقاف ضرورة ويجب ان نسعى له بقدر ما نستطيع من الاوعية القانونية المعاصرة.
  2. رأيت ناس منزعجين من فرض ضريبة القيمة المضافة على الأوقاف يجب ان لا ننزعج لا من الزكاة ولا من الضرائب على الأوقاف هي أداة تشحذ الكفاءة وتزيدها ولا تنقصها.
  3. الاستدانة والتأمين والضمانات والرهن على الوقف هذه ضرورات.
  4. الصكوك طويلة الأجل بمعنى 100 سنة، ضرورة وهي رائجة ولا تضر بالوقف إذا كان بحجم كبير.